تعليقات الخاصة بـ
كاتب متابع
في الممر الأخير سردية الشتات الفلسطيني ؛ منظور ما بعد كولونيالي
-
رامي أبو شهاب
تعليق
- 05/06/2017
حكي الكثير عن الشتات الفلسطيني، ربما ليس بمقدار ذلك الذي حكي عن الشتات الصهيوني. يأتي كتاب «في الممر الأخير: سردية الشتات الفلسطيني ـــ منظور ما بعد كولونيالي» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر) واحداً من الكتب القليلة الحديثة التي تتناول الشتات كبعد حضاري ثقافي متلازم ومتلائم مع الوجود الحالي للشعب الفلسطيني. يبدأ الكتاب بصدمةٍ مباشرة: «في 15 أيار/ مايو عام 1948: انتهى الشتات اليهودي، وبدأ الشتات الفلسطيني حيث أصبح يعيش أكثر من نصف الشعب الفلسطيني خارج فلسطين التاريخية، في حين يقبع النصف الآخر في سجنٍ كبير. يقيم الفلسطينيون في الطارئ، أو في الممر، في الوجود أو اللاوجود، متى ينتهي هذا الممر؟».
الناقد والمختص في النقد الأدبي وخطاب ما بعد الكولونيالية الفلسطيني رامي أبو شهاب جعل كتابه بعيداً عن بعض الأدبيات المتناثرة هنا وهناك. إنّه بحث أكاديمي منهجي ومنطقي ضمن الفكرة الرئيسية: الشتات. هل هو ممرٌ للوصول إلى مكانٍ آخر، أم أنه وجود منطقي بحدّ ذاته يجعل «المشتتين» أنفسهم ضمن «فلك» أو «فخ» لا يمكن الفكاك منه؟ هذه الضرورات المنهجية يتناولها الباحث الفائز بـ «جائزة الشيخ زايد للكتاب» عام 2014 (عن كتابه «الرسيس والمخاتلة: خطاب ما بعد الكولونيالية في النقد العربي المعاصر»).
ينقسم الكتاب إلى أربعة فصولٍ رئيسية. يبدأ الفصل الأول بتناول الشتات كفكرة تحتاج إلى تعريف. يقاربها في إطارها المعرفي ككلمة بدايةً، ثم كمفهوم خصوصاً مع التركيز على الكلمة من حيث بعدها «التاريخي/ الجغرافي» كما الاستعمالي: إذ إنها فطرياً ترمز إلى شتات الشعب اليهودي، وليس إلى الفلسطيني مثالاً. يتحدث في قسم متخصص عن الشتات اليهودي وصولاً إلى الشتات الفلسطيني، مركّزاً على أن التعبير الذي استعمل عادةً، كان يرمز إلى أناسٍ معينين هجّروا من أرضهم وارتحلوا لأسبابٍ متعددة لكنّها بجميعها «إجبارية». يقدّم الكاتب نماذج «ثقافية/ أدبية» عدة، حكت عن التجربة بحد ذاتها.
بشكل عام، الكتاب بحثٌ يستحق القراءة، وهو أقرب إلى الأبحاث المنهجية المعروفة في الغرب، وقد بتنا نفتقدها بشدة في عالمنا العربي.