الأوبة
-
وردة عبد الملك
بل رواية تجارية
- 25/11/2006
بات كثير من المؤلفين المغمورين في المجتمعات التقليدية المحافظة يشقون طريقهم نحو الشهرة والظهور من خلال ارتكازهم على إقحام أعظم المحرمات في مجتمعاتهم ضمن ما ينتجونه من أعمال أدبية وفكرية، وبالذات تلك المتعلقة بالدين والجنس، فيخوضون فيها بطريقة تستفز الناس وتثير امتعاضهم. وهم حين يفعلون ذلك يفعلونه مُتعمدين لأنهم يُدركون أنهم حين يصدمون الناس بجرأتهم غير المهذبة على بعض ما هو مقدس في المجتمع، يُثيرون غضب الناس فيتناولونهم بالهجوم الشديد ويشيع ذلك في المجتمع فينتشر اسم الكتاب وصاحبه، وهذا ما يسعون إليه، فالغاية عندهم هي أن يُسجل ذلك الكتاب ضمن قائمة (الأكثر مبيعاً) حتى وإن كان في حقيقته كتاباً تافهاًَ.
خلال الأسبوع الماضي وقع في يدي كتاب من هذا الصنف من الكتب، اسمه (الأوبة) ويُمثل رواية صغيرة الحجم لا يتجاوز عدد صفحاتها المائة، والرواية مكتوب عليها اسم امرأة (وردة عبدالملك) لكني وأنا أقرأها كنت أستشعر صوت الرجل خلال الصفحات وليس صوت امرأة، إلا أني ليس لدي ما يثبت هذا الشك، كما أنه لا يعنيني كثيراً التحري عن جنس المؤلف.
الرواية من أولها إلى آخرها مليئة بما يستحق أن يُنكر، كما أنها مليئة بما لا يسيغه الذوق، اعتمدت فيها المؤلفة على ركيزتين: حشو الرواية بالجنس بطريقة مُقززة، والتهكم بالدين بلا حياء أو رهبة من الله. فلم تحفظ حرمة للقرآن ولا الأنبياء والرسل، بل إنها تجرأت حتى على الذات الإلهية فبلغت في ذلك حدّ الكفر.
تتلخص فحوى الرواية في أن سارة طالبة المرحلة الثانوية وقعت في يد معلمة من المعلمات المغاليات في تدينهن فسقتها أفكارها التحريمية، ثم زوجتها أخاها المريض نفسياً، وهنا بدأت رحلة عذاب سارة، لكن سارة استطاعت أن تصمد أمام آلام تلك الرحلة بفضل ما تلقته على يد فلوة معلمتها، عن فضل الزوج وفضيلة الصبر على أذاه، وثواب التكتم على عيوبه والسكوت عن أخطائه. فنجحت سارة في الصبر والصمت لكنها لم تنجح في تفادي الإصابة بالأمراض النفسية، فانتهى الأمر بطلاقها.
بعد الطلاق، أخذت سارة تتردد على أحد (المشايخ) طلباً للشفاء من أزمتها النفسية، فكان من ضمن الدواء زواجها من (الشيخ) المعالج لتنضم إلى قائمة الزوجات القابعات تحت ظله، وفي عصمة (الشيخ) لم يكن حال سارة أفضل مما كان في عصمة عبدالله (المريض نفسياً) (فالشيخ) وإن لم يكن مريضاً بعقله كما كان عبدالله إلا أنه كان مريضاً بأمور أخرى، فهو كثير الشكوك شديد القبضة مهووس برغبات جنسية شاذة، ومرة أخرى فشل الصبر والجلد في أن ينجي سارة من الوقوع ثانية في شباك أزماتها النفسية، فلم يحتملها (الشيخ) وإن احتملته هي، فعادت إلى أسرتها طليقة محطمة.
من مقالة لـ عزيزة المانع بجريدة عكاظ السعودية
فاكس الكاتبة 4555382