هذه الرواية معبأة بالسخرية والتهكم وبخاصة من كبار القوم, إنها رواية مضحكة حقا.ً

بعد قراءتي لعدد من روايات القصيبى أعتقد وحتى الآن أن هذة الرواية من أجمل ما كتبه القصيبي, ومن لم يقرأ له حتى الآن وأراد أن يقرأه فعليه أن يبتدئ بها, و هي ستدفعه الى قراءة بقية أعماله الروائية طمعا في أن تكون بمثل جودتها.

روايه جميلة استمتعت جدا بقراءتها وشعرت بالأسف لأنها انتهت مبكراً, كنت اتمنى ان تطول أكثر, صحيح هي تتحدث عن احداث مللنا من كثرة ما قرأنا عنها ولكنها هنا امتزجت بالفن وبقدرة رائعة على معالجة هذة الأحداث, والتنقل بين عدد من الأماكن وهو باعتقادي ما يضيف عليها رونقا من البهاء ويضاف الى ذلك شجاعة الكاتب في المساس بقضايا في غايةالأهمية.

هذا الكتاب من الكتب المهمة التي قرأتها عن الفتوحات التي قام بها العرب منطلقين لذلك من أرض صحراوية فقيرة تقل مواردها في زمن السلم فكيف بالحرب!, ورغم ذلك يتمكنون من اجتياز آلاف الكيلومترات ويحققون انتصارات كاسحة كانتصارهم في الأندلس, لكن المؤلف رغم ذلك لا يعيد هذا الانتصار فقط الى التفوق العسكري للعرب بل يرجع ذلك ايضا الى مايسمية بالفكرة المتحدة مع القوة حيث كانت ظروف أسبانيا الفكرية في تلك الأيام مواتيه لاستقبال الفتح العربي فلم يلزم الأسبانيون الكثير لتغيير معتقداتهم التي سيطرت عليها الديانة الأريوسية التي تشبه بعض معتقداتها معتقدات المسلمين, هذا الكتاب شيق ومثير للتفكير وهو مترجم وملخص لكتاب أسباني بعنوان (الثورة الاسلامية في الغرب) للمؤرخ الاسباني اغناسيو اولاغي, كما ذكر مترجمة.

لم يفعل اي كتاب سابق قرأته عن التشريع الاسلامي ومعالجة وفهم الفقهاء لقضايا الاسلام وأطروحاته مثل ما فعل هذا الكتاب, ففيه أفكار جديدة حقاً ومثيرة للتساؤل والتفكير, فمثلاً يصر الصادق النيهوم في أحد فصول هذا الكتاب أن قواعد الاسلام أكثر من خمس وأن نظرية القول بهذة القواعد الخمس ولدت في غياب الاسلام وبالقوة ورغم أنف الفقهاء والمسلمين معاً حيث استشهد الفقهاء ليرضوا طموحات بني امية في الانفراد بالحكم بحديث ابو هريرة عن الرسول عليه السلام حين أتاه رجل وسأله ما الاسلام فأجابه: أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاةو.. الخ, وكما يقول النيهوم فقد اباح الفقهاء بهذا الحديث أن يفصلوا الاسلام عن شؤون الحكم متعمدين ألا يتذكروا أن الرسول عليه السلام كان يتحدث من واقع مختلف تم تحريره من سيطرت الاقطاع وحكم الفرد ومتناسين أن الحكم الجماعي أيضاً من قواعد الاسلام التي لا يستقيم حال المسلمين الا بها!, وهذة احدى القضايا التي يثيرها النيهوم في هذا الكتاب

حين تنتهي من قراءة هذا الكتاب للطيب صالح عن صديقه الراحل منسي فإنك بلا شك ستعيد قراءته مرة أخرى, ليس لأنك لم تفهم شيئاً, بل لأنك أثناء قراءته كنت تعيش في عالم باهر وممتع, يحدثك عنه الطيب صالح بقلمة العبقري, وعن صديقه منسي, ولأجل هذا المقدار من البهجة التي يدخلها الطيب إلى قلبك فأنك ستعيد قراءته. بلا شك لن تندم على اقتناء وقراءة هذا الكتاب, فهو حقاً تحفة جميلة جداً.

سيمضي قارئ هذه الرواية معها ساعات وساعات دون أن يشعر بالملل, إنها من أروع ما قرأته لأمين معلوف, وهو بحق أحد الكتاب القلائل الذين يأخذونك إلى التاريخ بكل براعة ولكن دون أن يؤرخوا فقط, بل ليروك عالماً كاملاً بكل صغائره وكبائره, وهذا هو ما صنعه أمين معلوف في هذه الرواية, فمن غرناطة إلى فاس ومنها إلى القاهرة ورومية وكل ذلك من خلال بوابة التاريخ. تمنيت أنها امتدت واستطالت أحداثها أكثر فأكثر رغم طولها النسبي, ولكن هكذا هي الأعمال العظيمة مهما استطالت إلا أن طمع الإنسان في البهاء وروعة الجمال سيبقى أكبر منها!

أعتقد أن هذا الكتاب من أهم وأفضل الكتب التي من الممكن أن يعثر عليها القارئ عن عصر السادات والإرهاصات الكبرى التي سبقت توليه السلطة خلفاً لجمال عبد الناصر, وكذلك تلك التي ختمت نهاية حياته بتلك الطريقة الدراماتيكية, أما مصداقية هيكل فمن حق أي شخص أن يدعى ما يريد لأي سبب يعتقده لكن الحقيقة الثابتة هي أنه يعتبر واحداً من أهم مصادر المعلومات عن فترة زمنيية بالغة الأهمية في تاريخنا العربي الحديث, لذلك لا غنى لأي مهتم بالسياسة أو التاريخ العربي الحديث من أن يستمع لشهادته مهما أصر على معاكستها لما عنده من شذرات أو أهواء. مع كل هذا فهذا الكتاب لا يحتاج إلى إشادة مني أو إدانة من آخر لأنه باختصار قد شق طريقه في قلب الصخر. الكتاب يستحق الخمس نجوم بجدارة.

حياة عبد الله الطريقي حافلة بالإثارة وكان يفترض أن يكون هذا الكتاب على نفس القدر من الإثارة والتشويق, لكن بدلاً من ذلك يغرق المؤلف في عملية حشو مضنية لا أدري ما مبرراتها.

على الرغم من أن الرواية جيده في تصوير عالم المثقفين وأوهامهم وأفكارهم وصغائرهم إلا أنها عانت من أمرين باعتقادي شواها هذا الإتقان؛ الأول الإطالة غير المبررة, والثاني إسراف المؤلف في استخدام ألفاظ بالغة الفحش والقذارة.. الروايه عموما جيده لكن كم تمنيت لو أن المؤلف استخدم كلمات أكثر احتراماً لقراءه.