تعليقات الخاصة بـ
طاحونة المصير
صخب ونساء وكاتب مغمور
-
علي بدر
طاحونة المصير
- 06/09/2005
صخب ونساء وكاتب مغمور صرخة الحياة وطاحونة المصير
وديع شامخ
صدرت للروائي العراقي علي بدر مؤخرا رواية جديدة بعنوان( صخب ونساء وكاتب مغمور) وهي الرواية السادسة لعلي بدر بعد ( بابا سارتر، الطريق الى تل مطران، شتاء العائلة،الوليمة العارية، جلال خالد في بومباي).
الرواية عند علي بدر هي حكاية أولا من حيث أنها وعاء إطاري لمعالجة الرسالة الأدبية بحكايات متداخلة في جنس الرواية ،الذي رسخه علي بدر في كل رواياته الصادرة جاعلا من الرواية أداة كشف معرفية بكل ما تحمله هذه الأداة من سطوة الرصد والتحليل والتوصيف والنقد للفضاء الكلي للمجتمع العراقي الحديث.-الذي تخصص علي بدر في معالجته من زوايا متعددة في أعماله المشار إليها-.أي ان الرواية عند بدر ليست رسالة أدبية جمالية فقط، بل هي منظومة محكمة لتجلي المعرفة سرديا و الخوض بطرح التفاصيل الدقيقة في نسيج الهامش الواقعي محاولا تهشيم المنظومات المركزية بوصفها منظومات سردية وهمية تنتجها مراكز الثقافة الرسمية في معالجة ساخرة وفنطازية . والسمة المهمة لروايات علي بدر هي عراقيتها ومحليتها غير المحكومة بالمحلية كواقع متعين بالضرورة، بقدر انفلاتها وتعاليها عن الطرح التاريخي أو التسجيلي أو روايات الواقعية وتيار الوعي، التي شهدها المنجز الروائي العراقي في بعض نماذجه التقليدية ، عبر امتلاك رواية بدر لرؤية شمولية متعالية-بالمعنى المعرفي- ومنفصلة عن الواقعة والحدث تاريخا وحاضرا، كانتماء أو حيازة .وكما يشير الروائي التشيكي ميلان كونديرا الى (ان الرواية هي التي تمزق الستار بتسديد لكمة للنفاق والذي يسميه المجتمع – قواعد السلوك الصحيح-) إذ يعتمد علي بدر على (تقنيات خاصة يُسوغ بها أفكاره ، ورؤيته للعالم ، وللتاريخ… فهو يستخدم السرد وسيلة للتورط الجريء في القضايا المثيرة والحساسة … وهو يفجر عبر الأحداث سيلا من الأفكار تتخطى الرواية من خلال سجن التقليد ، وتتجاوز السرد التقليدي نحو الأحداث بشكل عام) كما تذهب الكاتبة اللبنانية جينا كسّاب.
كما نأى علي بدر في الرواية عن الوقوع في فخ المعالجة العقائدية المتحجرة والفلسفية الاسكولائية الفجة، والمغامرات الأسلوبية الحداثوية.كما نؤشر لعلي بدر أهميته في المشاركة الفاعلة بتأسيس ثقافة منفلته من شروط الحقل الأدبي الاستعارية تحديدا، لانتاج متن ورسالة أدبية متعالية رؤيويا لمساءلة ونقد كل أنماط التشكيلات المجتمعية العراقية وعلى كافة الصعد، ومراجعة نقدية شاملة للعقل العراقي ولمعطياته التاريخية والواقعية بإطار معرفي إنساني وشمولي. وكما يذهب كونديرا في مفهومه للرواية بوصفها ،مقلقة ولا يمكن ان تكون محلية ضيقة، برغم معالجتها للهموم المحلية، ولكنها تتميز برؤيتها الإنسانية خارج سجون الانتماء للقبيلة والطائفة والدين والأمة ، الرواية هي المتن المعني بالشك فيما اجمع عليه المجتمع كحال العلم والفلسفة الحديثة. كما نشير الى استخدام السارد العليم للهجة العراقية في الحكاية الروائية بشكل حاذق لملء الفراغات بين الأداء السردي العام ومهمة ودور الشخوص ومستوياتهم الفكرية ومزاجهم النفسي في الأداء الجمعي لإنجاز مهمة الحكاية المتشظية.
(متوالية الخطأ وتكرار البدايات )
لعل السمة المشتركة لمشروع علي بدر الروائي هي معالجة مصائر الشباب المثقفين العراقيين بعد الحروب، ولا تشذ هذه الرواية عن هذا الأمر، فهي تروي قصة شاب متسرح من الخدمة العسكرية بعد حرب الخليج الأولى يحلم بان يصبح كاتبا مشهوراً.ومن هذه الزاوية يدخلنا الروائي –ولا أقول الرواية- لطغيان سلطة السا