تعليقات الخاصة بـ
أضخم رواية عن إدوارد سعيد
مصابيح أورشليم ؛ رواية عن إدوارد سعيد
-
علي بدر
أضخم رواية عن إدوارد سعيد
- 17/10/2006
علي بدر في رواية عن إدوارد سعيد
حينما تصبح القدس سردا وتناصا
حسين الكناني
صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر رواية لافتة في موضوعها ومضمونها، وكاتبها هو الروائي العراقي علي بدر الذي كتب فيما مضى رواية لافتة في موضوعها ومضمونها هي بابا سارتر، أما الرواية الجديدة لعلي بدر هي "مصابيح أورشليم/ رواية عن إدوارد سعيد"، حيث بطلها المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، وتدور أحداثها في القدس، أثناء زيارته لها في التسعينيات، وهذه الرواية ضخمة (350) صفحة، وبانورامية في أحداثها ومسيرتها، تغطي حقبة كبيرة من تاريخ فلسطين والعالم العربي والعالم، ومكتوبة بصورة ملحمية ودرامية وبإيقاع شفاف للغاية، وربما هي أكثر رواية تتناول موضوع الصراع العربي الإسرائيلي بموضوعية تامة.
تبتدأ الرواية بتقرير أولي، وهو تقرير خطير، حيث يكشف فيه الكاتب عن انشقاق النخبة المثقفة العراقية وصراعها مع بعضها قبيل الغزو الأميركي للعراق، ويتناول فيه أيضا بالوقائع أثر إدوارد سعيد على هذه النخبة في التسعينيات، ثم انشقاقها فيما بعد على خلفية سجال إدوارد سعيد مع الكاتب العراقي كنعان مكية الإستاذ في جامعة براندايز والمؤيد للغزو والداعي إلى احتلال العراق، حيث ينقسم المثقفون الشباب إلى قسمين، الأول يؤيد إدوارد سعيد ويعادي الغزو الأميركي للعراق، والآخر يؤيد كنعان مكية ويطالب باحتلال العراق.
الشخصية الأولى يمثلها علاء خليل المؤيد لكنعان مكية، وهو معجب بالغرب وبالثقافة الغربية وبمشروع الديمقراطية ويريد من أميركا التدخل في العراق وتغيير نظام الحكم، والآخر أيمن مقدس، مولود في بغداد ولكنه من أصل فلسطيني، حيث يدرس في جامعة كولومبيا بإشراف إدوارد سعيد، وهو بعيد نوعا ما عن مشاكل وهموم الشباب العراقي، حيث لم يخدم العسكرية وهو ليس منخرطا في مشاكلهم الاجتماعية والسياسية، فيحدث بينهما جدال وسجال وتصادم واتهامات متبادلة، فيشعر أيمن مقدسي بأنه غريب ومنفي وللتخلص من منفاه يبدأ بكتابة رواية عن إدوارد سعيد، أو كتابة ملاحظات، ويجمع وثائق مهمة، غير أنه يتركها دون أن يكملها. أما الراوي وهو الكاتب والصحفي المحايد وصديق علاء خليل وأيمن مقدسي معا هو الذي يقوم بكتابة الرواية، ويضع هذه الوثائق جميعها في نهاية الرواية تحت عنوان: تخطيطات وأفكار ويوميات انسكلوبيدية للكتابة.
والمطلع على الشؤون العراقية يدرك أهمية هذا التقرير الذي يأخذ من الرواية 77 صفحة، حيث يكشف علي بدر بإمكانياته المعروفة أساس الصراع وجذوره، ويقدم لنا معلومات غنية بحيادية تامة، دون أن يفسد جو الرواية، إذ لا يتخلى عن مهنته كروائي بالرغم من أن المفكر السياسي والمثقف الذكي تحت ملابسه.
أما الجزء الثاني من الرواية فهو يخص إدوارد سعيد، وهو يسير في شوارع القدس، يقوده إثنان، هما يائيل وإيستر، وهذان الشخصان هما بطلان في روايات إسرائيلية، حيث يلعب علي بدر لعبة سردية مدهشة حقا، يأخذ الشخصيات الروائية الإسرائيلية، وكلهم أبطال في روايات الكتاب الإسرائيليين: عاموس عوز، ديفيد غروسمان، إبراهيم بن يشواع، وزولية شيليف، ويجعلهم يروون حياتهم من جديد، حيث يقلب علي بدر الأحداث السردية لهذه الروايات ويجعلها مسرودة بطريقة جديدة.
أما لغة الرواية الشعرية، فيأخذها الكاتب عن طريق تفكيك بنية الشعر الإسرائيلي وهي قصائد مناحيم بياليك وألترمان ويهودا عميخاي وغيرهم، وبالفعل كانت طريقته جديدة في الكتابة، حيث يتوصل إلى مزج بين اللغة العبرية والعربية ليظهر واقعة الموت والدمار والخراب في التاريخ المتداخل للشعبين ال