تعليقات الخاصة بـ
غور في النفس و مراوحة
سعار
-
بثينة العيسى
غور في النفس و مراوحة و حالات
- 17/06/2005
جورج جحا (بيروت)
رواية الكاتبة الكويتية الشابة بثينة العيسى الأخيرة "سعار" تتسم بدقة مميزة في الوصف الذي يتخذ شكل رحلة ذات اتجاهين.. غور في النفس البشرية ثم ارتقاء منها إلى الخارج ثم عودة إلى الغور والارتقاء. ويتمثل ذلك عمليا في قدرتها البارزة على إخراج ما في النفس إلى السطح مجسدا في أحداث أو حركات أو أشكال أخرى من التعبير ليعود ذلك كله فيخلق بدوره أوضاعا في النفس. وهذه العملية المستمرة دائمة الحضور في عالم الإنسان دون شك وليست شأنا غير عادي بل هي أقرب إلى "مسلمات" في الحياة. لكن قدرة الكاتب على تصوير رحلاتها "المكوكية" الدائمة هذه بطريقة مؤثرة هي التي تشكل كل الفرق بين الحياة في مسراها الطبيعي العادي وهو شأن لا يلفت النظر وبين صورتها الفنية القائمة على الانتقائية والتعبير بجمال فيه سردية وشعرية جليتان.
جاءت رواية العيسى في 139 صفحة متوسطة القطع في كتاب صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر وبلوحة غلاف للفنان الأردني محمد العامري.
وقد تكون الشاعرة الكويتية سعدية مفرح في المقدمة التي كتبتها للرواية لخصت كثيرا من عالم الرواية الفني في قولها "تشتبك بثينة العيسى في هذه الرواية ... مع العالم بأكمله عبر لغة مفرطة في رهافتها إلى حد أن تكون أغنية موزعة في معمار موسيقي يتراكم تدريجيا بين المتن والهامش فتفيض العذوبة ذهولا وبكاء ولكنها قاسية أيضا إلى حد الوجع المقيم في تلافيف الروح منذ أزمان سحيقة لابد أن بثينة عاشتها بتفاصيلها الدقيقة."
مفرح وصفت وعن حق الرواية بأنها "نص روائي لا يريد أن يكتمل لانه نص مفتوح على أسئلة تدور في فضاء القلق الوجودي الفادح في سوداويته ولكن الفاضح في تعريته لكل ما نحاول أن نخبئه تحت ركام من الأرث الانساني النفسي."
تقوم الرواية على هيكل عام من الأحداث قد يبدو للقارىء إنه ليس كبيرا إلى درجة كافية أو بكلمة أخرى قد نشعر بأن قدرة الكاتبة على السرد والغور ربما كانت تؤهلها لأن تقوم على نطاق روائي أكثر اتساعا. ولذا فقد جاءت الرواية تركز على الغوص عموديا مع محدودية في الانتشار "الافقي" لكن قدرة الكاتبة جعلت من الحالات المتشابهة في احداثها متنوعة بعيدة عن أن تكون نسخا مكررة فجاءت ممتعة ولم تفقد جاذبيتها.
قصة فتاة في عالم ذكوري مغلق إلى حد ما تنمو شخصيتها وقد "تشكلت" كما تقول على يد رجل استغلها ولم تستطع التخلص من سيطرته. وسعت هي إلى "تشكيل" شخصية شاب احبها فارادته حبل خلاص لها تشدها طيبته وحتى "غباؤه" كما تقول إلى بر الامان. احبته من ناحية وارادت اعادة خلقه على صورة من علقت به.
في الرواية عالم تحكم. وفاة الام وحياة الابنة مع جدتها إلى أن توفيت الجدة فانتقلت الابنة إلى العيش مع والدها "البعيد" عنها ومع زوجته. وفيها أيضا كثير من معاناة العرب في أمريكا بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر ايلول.
وقدرة بثينة على السرد لا تقتصر على الوصف النفسي الدقيق بل تتجلى أيضا في نقل صور نفاذة عن التصرفات البشرية والعلاقات التي تتجسد في احداث وممارسات يومية. الكاتبة تلتقط ذلك لا بعين واقعية حيادية بل بمزيج يتداخل فيه الواقعي والرومانسي والغوص والكشف القائمان على مبادىء من علم النفس. وكل ذلك يجري في جو من القدرة على التقاط التفاصيل التي لا يقتصر دورها على ما يشبه دور الحجارة الصغيرة في عملية بناء بل تتحول مع الكاتبة إلى "كوى" صغيرة تطل على العالم الداخلي أو تطل بعض وجوه هذا العالم منها إلى خارجه.
تقول عن الشاب "اختلس وجهها بعينيه. تساءل ان كانت جادة ام تراها... تسخر من العالم كشأ
ارتطام.. لم يسمع له دوي
-
بثينة العيسى
خطوة نوعية نحو الواعد
- 01/11/2005
" هنا .. لا تجد العتمة إلا في باطنك العميق، حيث أنت وحدك، توغل في التيه. العالم من حولك يتحدث كل اللغات إلا لغتك، و أنت بجلدك الأسمر ناشزٌ عن اللوحة، فاخلع نعليك! ليس امتثالاً لطقوس المثول في الأودية المقدّسة، وإنما لتركض في داخلك بأسرع ما تستطيع .. "
" هنا .. لا تجد العتمة إلا في باطنك العميق، حيث أنت وحدك، توغل في التيه. العالم من حولك يتحدث كل اللغات إلا لغتك، و أنت بجلدك الأسمر ناشزٌ عن اللوحة، فاخلع نعليك! ليس امتثالاً لطقوس المثول في الأودية المقدّسة، وإنما لتركض في داخلك بأسرع ما تستطيع .. "
مقتبس قصير من جسد رواية ( ارتطامٌ .. )
أن توفق الكاتبة بأن تختزل كماً هائلاً من تناقضاتنا ( إنّا ) الإنسان الشرقيّ العربيّ، ابن أو ابنة العالم الثالث.. الذي لم يعد ثالثاً..
( .. لم يُسمع له دويّ ) ليست صوتاً مباشراً أو ضمنياً بأيديولوجية بذاتها، لكنها – بذاتها – انتصار لإنساننا إياه، فمحاولة لإضاءة جانب – و إن بدا متواضعاً – للظلام الحالك المعشش في الأغوار ( منّا ) ..
عرفتها قاصة، و تابعتها، بين آونةٍ وأخرى، شاعرة مرهفة، و هاهي – أحسدها – روائية، مؤهلة لأن تحتلّ موقعاً تجريبياً مميزاً.
تعرية اللغة إلى جانب جزالتها، رهافة تتشرب بالصدق، مما يحقق للنص حميمية الالتقاء بذات المتلقي، بهدف الانماء إليه .. إليها.
إذا أجزنا لأنفسنا القول ( هناك رواية في الكويت ) أقول : هذه الرواية خطوة نوعية نحو الواعد.
إسماعيل فهد إسماعيل
الكويت
2005
في انتظار البرابرة
-
ج.م.كوتزي
غودو ربما ..
- 03/05/2006
هل يتناص العمل الروائي مع مسرحية صموئيل بيكيت " في انتظار غودو " .. غودو الذي لا يأتي أبداً ؟ والبرابراة .. هل يأتون؟ ومن هم البرابرة فعلاً؟ أسئلة أصيلة في هذا النص، الذي يفضح - بمنتهى الجمال بالمناسبة - الآلية التي تعمد إليها الحكومات لصنع أعدائها في سبيل " إقناع " شعبها بحاجتهم إليها، الحكومات التي لا تريد أن تركن على الرف، وتريد أن تمد بسطوتها في جميع الجهات بشراهة .. ماذا تفعل حكومات كهذه في عالم مسالم؟ إنها تصنع حرباً، لأن التاريخ لا يحفل في الغالب بالحقبات السلمية على حد زعمهم !
لنقل ببساطة بأنها رواية رائعة أو أكثر.
يقول كوتزي " الجريمة الكامنة بداخلنا، ينبغي إنزالها على أنفسنا وليس على آخرين " .. هل يمكن ذلك حقاً؟!
الأعمال الشعرية الكاملة - سنية صالح
-
سنية صالح
شاعرة الفجيعة
- 18/10/2009
سنية صالح تكتب الفجائع بالشعر.
سنية تكتب الفجائع شعراً.
شعر سنية صالح .. فجيعة إثر أخرى.
أقرأ سنية صالح منذ يومين بهدف أن أتركها ورائي، لكي يصبح عالمها الشعري / الفجائعي .. قابلاً للتجاوز، على افتراض أن ذلك يمكن، لأنني مذ قرأتها لا أنام كما ينبغي، ولا أتأمل العالم إلا من منظورها ذاته، لقد امتصت روحي وسذاجتي وقدرتي على التفاؤل بالآتي.
" أيها الليل .. أيها الليل
أين أمضي؟
ولي خوف الأطفال
امنحني اتساعك ورهبتك
ضوءا خافتا من نجومك
لأخط للسعادة ممرا صغيراً إلى قلبي "
هذه هي سنية صالح، وأعتقد بأنه من العبث الكتابة عنها، إلا بكلماتها، من العبث احتواؤها إلا من خلالها، من العبث وصفها إلا بقصائدها ذاتها، مخافة أن تتبدد النكهة ( الفجائعية أبداً ) بالنقل العقيم، والنهل العبثي من عالمها، سواده وامتلاؤه وبهاؤه الفادح كجرح.
http://www.bothayna.net/home/index.php?categoryid=5&p2_articleid=150
تحت أقدام الأمهات
-
بثينة العيسى
رواية في نقد العقلانية التقليد
- 29/12/2009
تقدم الكاتبة الكويتية بثينة العيسى عبر روايتها الجديدة تحت أقدام الأمهات نقداً مستفيضاً لواقع تسلط القطب الذكوري في المجتمعات الشرقية المغلقة مسلطة الأضواء على الدور الذي تلعبه المرأة العربية في دعم هذا الاتجاه وتعزيز تلك السلطة بمقتضى الولاء للعرف والتقليد على حساب العدالة بمفهومها الإنساني.
وتصور تحت أقدام الأمهات عالماً نسائياً عبر ثلاثة أجيال لعائلة واحدة كاشفة عن البعد الإجتماعي والنفسي والإنساني لحياة المرأة في المجتمع الخليجي وخاصة في المجتمعات الذكورية عموماً.
بينما يمثل فهاد بن علي بطل الرواية الشخصية المحورية في الرواية والتي تنقل الكاتبة من خلالها صورة الذكر المتقاعس والعازف عن تطوير نفسه مكتفياً بحيازته جملة من الامتيازات التي تمده بها التقاليد والقيم الدينية والمجتمعية واصفة اياه بانه شاعر بلا قصيدة وعالم بلا علم ومحارب بلا قصة.
وتختار بثينة معظم شخوص الرواية المتبقية من الأطفال لإيضاح التأثر السلبي لعالم البراءة بمعتقدات الكبار وأفكارهم التقليدية المضللة وهو ما تستنكره الروائية بلغة سردية ثائرة عبر خلق مفارقة أسلوبية لدى وصف كل من عالمي.. الطفولة البريئة المتجسدة بشخصية الطفلتين و..الكهولة المغرضة المتمثلة بصوت جدة البطل فهاد.
تقول الراوية.. حسنا حسنا.. أعترف لا أحد مثل فهاد ابن خالي علي لا أحد في هذه الدنيا قريباً ولو قليلاً من أن يشبهه والمشكلة أنه لا يوجد منه في هذا العالم إلا واحد لا يقبل القسمة على طفلتين مشحونتين بهاجس الزواج.
كما تصور العيسى هذا التأثر السلبي عبر وصفها لوقائع صراع طفلتين بريئتين تأكلان الشوكولاته جراء المنافسة على الذكر المحظي فهاد والذي ينوي الزواج بقريبتيه عندما يكبر بدعم من جدته التي تصفه برجل البيت والولد الوحيد ابن الولد الوحيد.. السليل الوحيد للنسل الشريف.. ملك الملوك وأمير الأمراء وشيخ الشيوخ وفارس الفرسان.
وتعتمد الكاتبة العديد من المفردات وصيغ التعبير العامية وفق اللهجة الخليجية لتعمق واقعية القضية التي تتبناها الرواية ولتحقق قدراً أكبر من تفاعل القارئ مع حوارات شخوصها.. في الطريق إلى الفصل تجاسرت فطوم وسألتني..مضاوي.. نعم..شتسوين لو قال فهادي إنه يحبني أكثر منك ..أتزوج واحد ثاني.
يشار إلى أن الرواية تقع في 278 صفحة من القطع المتوسط صدرت عن الدار العربية للعلوم 2009وهي الرواية الرابعة للمؤلفة بعد .. ارتطام لم يسمع له دوي.. عروس المطر.. سعار.
ناهدة عقل